أرودغان ومرسي وأخونة الديمقراطية

Kds_13720670925593

فكر جماعة الإخوان متشابه على الرغم من اختلاف البلاد التي يحكمونها، فسواء في تركيا أو في مصر، فالمنظومة التي تحكم متشابهة إلى حد بعيد، مع الفارق الكبير بين البلدين. إن طرق اللعب على الديمقراطية وتحويرها بما يتناسب مع الجماعة هو ما يقود الشعوب إلى العصيان والسعي إلى ترسيخ مبادئ ديمقراطية حقيقية، يحاول الإخوان تكييفها وتشويهها و تفصيلها على مقاسهم، بهدف إقامة دولة إخوانية لا مدنية. الكاتب جيمس تراوب اقترب مع هذا المضمون ويرى أن الفترة الماضية شهدت انتهاك زعماء ديمقراطيين لمبادئ الديمقراطية، في تركيا حيث استخدم أردوغان شرطة مكافحة الشغب لتفريق متظاهرين سلميين في اسطنبول واصفاً إياهم باللصوص، وفي مصر التي أقر برلمانها قانوناً يقيد عمل المنظمات الأهلية، ويضيف الكاتب في مقاله في مجلة الفورين بوليسي أن منظمات المجتمع المدني في مصر أكدت على أن هذا القانون يضع به الرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي الأساس لدولة بوليسية جديدة، ويقول إن العامل المشترك في التطورات التي تشهدها مصر وتركيا هو نوع محدد من تحريف الديمقراطية والاستبداد عن طريق الانتخابات، ويرى أن كلاً من مرسي وأردوغان يعاملان أنصارهما، الذين لا يمثلون على الأرجح أغلبية مطلقة في كلا البلدين، باعتبارهم الشعب الذي يحكمان باسمه، بينما يعاملان معارضيهما كأعداء وكحثالة ترتبط بأفكار أو ممولين أجانب، لا يستحقون لقب المواطن، ويقول إن زعماء مثل بوتين في روسيا والراحل شافيز في فنزويلا تبنيا نفس الرأي، لكن الفارق بينهما وبين مصر وتركيا أنه لا أحد يصف نظامهما بالديمقراطي، بينما يهدد الاضطراب في مصر وتركيا شيئاً ثميناً أو على الأقل باعثاً على الأمل.

ويضيف الكاتب الذي نُشرَ مقاله على موقع أصوات مصرية أنه لا مرسي ولا أردوغان ذهبا للمدى الذي وصل إليه بوتين، إلا أن مرسي اقترب منه كثيراً عندما أصدر إعلانه الدستوري في نوفمبر الماضي، الذي أجبر على إلغائه لاحقاً، محصنا قراراته من رقابة القضاء، جامعاً السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية تحت إمرته، ويضيف أن كل منهما يبدو مقتنعاً تماماً أنه، وحده، يمثل إرادة الشعب. ويقول تراوب إن هذا الشعور بالعظمة مرض ملازم للديمقراطيات الوليدة، حيث تكون التحديات ضخمة لدرجة يرى فيها كل من الحاكم والمعارضة كثيراً أن الحل التوافقي خيانة للمصالح الوطنية، ويرى أن الناخبين يمكنهم إعطاء درس لمثل هؤلاء الحكام الذين يعتقدون أن الفائز يحصل على كل شيء، إلا أن هذا يحتاج لمعارضة متحدة تركز على أهدافها، لا المعارضة المنقسمة بشدة في مواجهة حكم الإخوان المسلمين في مصر، ويضيف أن الأمر لا يتعلق فقط بالفصيل الحاكم ولكن كذلك بمجمل الثقافة السياسية في الديمقراطيات الجديدة التي غالباً ما تكون عاملاً لتمكين الاستبداد عن طريق الانتخابات.

ويقول الكاتب إن النظم الديمقراطية نوعان أساسيان؛ أولهما نمط سيادة الأغلبية حيث تسيطر وزارة مشكلة من حزب واحد على القرار مثلما الحال في بريطانيا، وثانيهما نمط توافقي تمارس فيه السلطة عن طريق تحالف، و يضيف أن الدول التي تشهد انقساماً طبقياً أو نزاعاً حول الهوية سرعان ما تشهد استبداداً للأغلبية واحتراباً داخلياً، والحل المرجح فيها هو التمثيل بالوزن النسبي والحكومات التحالفية، ونظام برلماني قوي وعدم المركزية، ويقول تراوب إنه ليس من المستحيل تخيل سيناريو يعود فيه الجيش للسلطة بعد أن يؤدي الصراع الذي لا يتوقف، بين مرسي من ناحية والمعارضة العلمانية والقضاء من ناحية أخرى، إلى فوضى وعنف، ومزيد من الشلل الاقتصادي، ويرى أن العودة لنظام استبدادي غير مرجحة، حيث انقضى العهد الذي يقبل فيه المواطنون بالاستبداد، وما تكشف عنه المظاهرات في مصر وتركيا والبرازيل هو إرادة ترفض أن تقتصر حقوق المواطنة الديمقراطية على التصويت في انتخابات تجري كل بضع سنوات، في الوقت الذي تحكم فيه طبقة سياسية مصابة بالشلل لا تستجيب لمطالب الجماهير.

مركز المزماة للدراسات والبحوث

24 يونيو 2013

أضف تعليق